في الوقت الذي يواجه فيه العراق العديد من التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ يعتزم مجلس النواب مناقشة “قانون الأحوال الشخصية” مجددا، من أجل تكييف نصوصه مع بعض القوانين ذات الطابع المذهبي بشكل قسري.
إن التعديلات التي تعتزم بعض القوى السياسية إدخالها على نص قانون الأحوال الشخصية العراقي تهدد بشكل كبير حقوق الإنسان في العراق ، عبر شرعنة الإساءة للمرأة، وحرمانها من حضانة أبنائها، وإيجاد المبررات للعنف الأسري، وتبرئة المتهمين بممارسته؛ في بلد يشهد تصاعدا في حالات الاعتداء على الأطفال وقتلهم؛ وآخرها قتل طفلة صغيرة على يد والدها في حي الجهاد ببغداد قبل أيام.
إن العراق يعاني انهيار في ملف الخدمات بشكل مريع، وفي مقدمة ذلك ملفات الكهرباء والمياه، بالإضافة إلى تردي الواقع الصحي والتربوي والتعليمي، مع تصاعد لخطابات الكراهية بشكل يهدد النسيج الاجتماعي؛ دون تدخل من الدولة لوقف ذلك.
ومن المؤسف أن تتخلى القوى السياسية المتصدرة لحكم البلاد عن دورها في إصلاح الملفات آنفة الذكر؛ وتتصدى للعبث بنصوص قانون تلقاه الشعب العراقي بالقبول، بما ينسجم مع المبادىء العامة لحقوق الإنسان في العالم اليوم.
ومن الغريب كذلك أن تسعى بعض القوى السياسية لتمرير ممارسات مخالفة للقانون؛ يمكن أن تهضم حقوق المواطنين وتضيعها، مثل إلغاء تجريم الزواج خارج المحكمة، وزواج القاصرات بالإكراه، وتضييع حقوق النساء في المهر والبيت والمؤجل وحضانة أطفالها.
إن مسودة القانون الجديد الذي سيطرح في مجلس النواب سيؤدي إلى تسليع المرأة، وتجريدها من حقوقها، وجعلها ضحية للعنف والإساءة والطرد والإهانة، بشكل يتنافى مع روح ومبادىء الشريعة الإسلامية التي يقوم عليها القانون الحالي.
إننا ندعو جميع العراقيين إلى رفض القانون الجديد وإدانته وعدم الرضوخ له، لما فيه من إساءة وضياع لحقوق بناتهم وأخواتهم، كما ندعو النواب إلى التراجع عن المضي في العبث بمكاسب المرأة العراقية، والحفاظ على كرامتها، وقطع الطريق على دعاة تمزيق المجتمع العراقية باسم الدين و الطائفة والمذهب.