الاخبارمقالات

حقوق الإنسان والنظام القانوني: الحفلات الغنائية في العراق بين الحقيقة والقانون

د.علياء آل هذال

في واقعة أثارت جدلاً قانونيًا وإعلاميًا، تم تقديم إخبار ضد إقامة حفل غنائي في أحد منتزهات البصرة، مستندًا إلى تأويلات غير دقيقة للنظام العام والآداب العامة. هذا الإجراء لا ينسجم مع الدستور العراقي ولا مع القانون، ويشكل محاولة لاستباق الحدث وتقييد حقوق المواطنين المكفولة دستوريًا.

الإطار القانوني للتنظيم:
تنظم الفعاليات العامة في العراق عبر عدة تشريعات، أبرزها:

قانون الرقابة على الملاهي والمسارح، وتعليماته رقم 17 لسنة 1956، الذي ينظم الأماكن المخصصة للترفيه العام مثل الملاهي والمسارح والمنتزهات، بما يشمل إقامة الحفلات الموسيقية.

اللوائح التنظيمية الخاصة بالبلديات والمحافظات التي تشترط الحصول على تراخيص رسمية وإخطار الجهات الأمنية لضمان النظام العام وسلامة المشاركين.

الحفل المزمع إقامته في منتزه معروف كمكان ترفيهي مخصص للعوائل، ويُستخدم فيه الصوت والموسيقى ضمن نطاق النشاطات المسموح بها قانونًا، فلا أساس قانونيًا لاتهام المنظمين بالمخالفة.

كما أن الدستور قد كفل حرية الفعاليات حيث:
تنص المادة 38 من الدستور العراقي على أن “حرية الاجتماع والتعبير مكفولة، بما لا يخل بالنظام العام والآداب”. بما أن الحفل عائلي، فإن الادعاء المسبق بأنه يخل بالنظام العام يفتقر للأدلة، ويعد تعديًا على الحقوق الدستورية للمواطنين.

أما فيما يخص المادة الجنائية المطبقة:
الإخبار استند إلى المادة 373 من قانون العقوبات العراقي، التي تعاقب من انتهك أو دنس حرمة القبور أو المقابر. ومن الواضح أن هذه المادة لا علاقة لها بالحفلات أو النشاطات الفنية، ما يجعل الإخبار قائمًا على أساس خاطئ وغير قانوني.

القانون العراقي يفرض أن أي تدخل لإلغاء الحفلات أو فرض قيود مسبقة يجب أن يكون وفق نصوص قانونية صريحة، وليس استنادًا إلى تأويلات غير دقيقة. أي محاولة لتجريم الحفلات القانونية تمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان وحريات التعبير والاجتماع المكفولة دستورياً، وتشكل تهديدًا لمبدأ الديمقراطية وسيادة القانون

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى