مقالات

وجهة نظر في قرار المحكمة الاتحادية العليا

وجهة نظر في قرار المحكمة الاتحادية العليازهير كاظم عبود ضمن باب أسباب الاباحة التي لا يعتبرها القانون العراقي افعالا جرمية توجب العقوبة ضمن باب ( استعمال الحق ) ٬ تنص الفقرة الأولى من المادة ( ٤١ ) من قانون العقوبات رقم ١١١ لسنة ٦٩ المعدل بانه لا جريمة اذا وقع الفعل استعمالا لحق مقرر بمقتضى القانون ٬ واعتبرت استعمالا للحق تأديب الزوج لزوجته وتأديب الإباء والمعلمين ومن في حكمهم الأولاد القصر في حدود ما هو مقرر شرعا او قانونا او عرفا . ويفهم من معنى أسباب الاباحة انتفاء الصفة غير المشروعة للسلوك ما يجعل الفعل المرتكب مباحا ٬ ويفترض ان علة هذه الاباحة انها تحمي حق من الحقوق ٬ وان الفعل يخرج من اطار التجريم الى اطار الحماية المشروعة ٬ وفي النص القانوني منح ( الزوج ) أي الرجل حق تأديب زوجته وفق ما هو مقرر ( شرعا ) او ( قانونا ) او ( عرفا ) ٬ دون ان يحدد النص شكل التأديب او حدوده ٬ لذا فهو نص مطلق والمطلق يجري على اطلاقه ٫ وهنا يستوجب الامر على من يريد تطبيق النص بأمانة ان يرجع الى المعاني التي يفهمها فعل التأديب ضمن الشرع وضمن الأعراف والتقاليد العراقية او ضمن القانون ٬ هذا الحق منحه القانون حصرا للزوج على زوجته أي انه يتعلق بولاية الرجل وسيطرته على المرأة ( زوجته ) ٬ كما لم يحدد فعل التأديب بالإرشاد والتوعية والنصح او بالضرب الخفيف او البسيط او العنيف الذي لا يترك اثرا او تجاوز حدود الاباحة في التأديب ٬ مع عدم وجود قاعدة قانونية واضحة تحدد فعل التأديب الذي اضفى عليه القانون استعمالا للحق ٬ ان كيان الاسرة واصلاحها لا يتحقق بأساليب مضي عليها الزمن وعافتها الأمم ٬ والتأديب يصاحبه اذلالا وتحقيرا واهانة لشريك يفترض انه يشكل سكونا للروح ٬ ومن مطالعة قرارات محكمة التمييز المنشورة في مجموعة الأحكام العدلية للسنوات الماضية نلمس وجهة نظر القضاء في استحقاق معاقبة الفاعل ضمن هذا الفعل وفقا للإعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر في العام ١٩٤٨ نصت المادة ( ٥ ) منه علي عدم جواز اخضاع احد للتعذيب ولا للمعاملة او العقوبة القاسية او اللا إنسانية او الحاطة بالكرامة ٬ وفي المادة ( ١٢ ) منه نصت على انه لا يجوز تعريض احد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة ٬ وبتاريخ ١٨ كانون الأول ١٩٧٩ صدرت اتفاقية القضاء علي جميع اشكال التمييز ضد المرأة ٬ والعراق كدولة وقعت الإعلان العالمي واتفاقية (( سيداو )) ٬ وتوقيع العراق يعني التزامه الوطني والقانوني بما ورد فيها من مقررات وتوصيات ٬ ليرتفع سقف الالتزام على ما يخالفها من النصوص القانونية ان وجدت . وبنتيجة الدعوى المرقمة ٢٠٢\اتحادية المقامة امام المحكمة الاتحادية العراقية العليا والتي طالب فيها المدعين الحكم بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة ٤١ من قانون العقوبات العراقي رقم ١١١ لسنة ١٩٦٩ المعدل ٢٠٢١ أصدرت المحكمة قرارها بتاريخ ٢٠|٢|٢٠٢٢ برد دعوى المدعين دون ان تلتفت الى النص الدستوري الوارد ضمن الفقرة رابعا من المادة ٢٩ والذي منع بشكل تام جميع اشكال العنف المادي او المعنوي وكل اشكال التعسف في الاسرة والمدرسة والمجتمع ٬ بمعنى ان التأديب الذي يأخذ شكل الفعل المادي او المعنوي والذي اباحه القانون لم يعد له غطاء دستوري ٬ ودون ان تراجع المحكمة الموقرة المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي التزم بها العراق وفقا للمعايير القانونية الدولية والتي صادق عليها مجلس النواب لتصبح قانونا ملزما يتعارض مع النص المطلوب الحكم بعدم دستوريته ٬ وبعد كل هذا فان قرار المحكمة ملزما وباتا لكافة السلطات . جريدة المدى٢-٣-٢٠٢٢

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى