
لقد انتهت الانتخابات واظهرت النتائج بعدم وصول العديد من المدافعات عن حقوق المرأة والناشطات والمدنيات إلى مقاعد البرلمان إن هذا هو اقصاء واضح، إقصاء يعكس خللاً بنيوياً في تمثيل النساء المدافعات عن حقوقهن، ويؤكد غياب بيئة انتخابية عادلة تكفل وصول الأصوات المستقلة والمدنية إلى مواقع صنع القرار.
إن قناعتنا راسخة بأن الدفاع عن حقوق المرأة لا ينحصر في قبة البرلمان وحدها، بل يمتد إلى جميع السبل والوسائل الديمقراطية المتاحة، من تظاهرٍ وتجمعاتٍ سلمية، وعقد الندوات، وتنظيم الحملات، واستخدام منصات التواصل الاجتماعي لإيصال صوت النساء وقضاياهن إلى الرأي العام. غير أن البرلمان يظلّ، رغم كل ملاحظاتنا وانتقاداتنا، منصة رسمية يفترض أن تُسمَع فيها المطالب وتُناقش فيها التشريعات التي تمسّ حياة النساء بشكل مباشر.
فنحن لسنا ممن يعلقون الآمال على البرلمان ليكون نصيراً للنساء، فالتجربة الممتدة لسنوات لم تُثمر تشريعاً واحداً ينصف المرأة أو يحميها. بل على العكس، جرى تمرير قوانين تُضرّ بمصالح النساء وتضعف مكانتهن داخل الأسرة والمجتمع. فرغم وجود بعض الوجوه المدنية والمطالِبة بالعدالة والمساواة، الا ان البرلمانات السابقة قد اثبتت عدم قدرتها أو رغبتها في الاستجابة لمطالب النساء أو الدفاع عن حقوقهن.
فالهيمنة المتواصلة للأحزاب الإسلامية داخل البرلمان لم تُفسح المجال لإقرار تشريعات تضمن حماية المرأة وتجرم العنف الاسري في وقت تتصاعد فيه الانتهاكات ضد النساء بلا رادع. ولم تعمل على الغاء اية قوانين تنص صراحة على حق ممارسة العنف و” التأديب” ضد النساء. وما حدث مؤخراً في البرلمان المنتهية ولايته من تمرير تعديل قانون الأحوال الشخصية بطريقة “الحزمة الواحدة”، دون الالتزام حتى بأدنى معايير التصويت السليم والشفافية، هو مثال صارخ على التشريعات التي تُقرّ وتُعمّق هشاشة واقع النساء والاطفال الاجتماعي والاقتصادي والقانوني.
لكننا في الوقت نفسه نؤمن بأن وجود النساء النسويات والمدنيات داخل البرلمان، حتى وإن لم يكن حاسماً تشريعياً، يمثل مساحة ضرورية لإسماع الصوت، وخلق ضغط سياسي، وفضح الانتهاكات، وكسر احتكار الخطاب الذكوري المحافظ داخل المؤسسات الرسمية.
إن عدم فوز النسويات والمدنيات بالمقاعد البرلمانية لن يوقفنا عن متابعة نضالنا، ولن يثنينا عن استخدام كل منصة ومساحة متاحة للدفاع عن حقوق النساء، ومواجهة كل أشكال العنف والتمييز. كما أن هذا الإقصاء المتكرر يعكس عدم نزاهة العملية الانتخابية ويُمثّل دليلاً إضافياً على المنظومة السياسية التي تُهمّش النساء وتُقصي الأصوات المطالبة بالمساواة والعدالة.
سيواصل تحالف أمان النسوي عمله، وسيبقى صوت النساء عالياً رغم كل العوائق، إيماناً منا بأن العدالة لا تُمنح، بل تُنتزع بنضالٍ طويل ومستمر.
تحالف امان النسوي
24 نوفمبر 2025



