العنف ضد النساء يجب أن يتوقف: خمس ناجيات من العنف يشاركن قصص نجاتهن
دت النزاعات والأزمات الإنسانية والكوارث المتزايدة المرتبطة بالمناخ إلى ارتفاع مستويات العنف ضد النساء والفتيات، وقد ازدادت حدة العنف منذ اندلاع جائحة كورونا، الأمر الذي سلط الضوء على الحاجة الملحة لوقف هذه الآفة.
تعرضت واحدة من كل ثلاث نساء تقريبا للعنف، على مستوى العالم، وقد أدت هذه الأزمة الصحية إلى ارتفاع في هذه الأرقام.
العنف القائم على النوع الاجتماعي، وهو أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارا، ليس طبيعيا ولا حتميا ويجب منعه.
بمناسبة الاحتفال بحملة الـ 16 يوما من النشاط لمكافحة العنف ضد المرأة والفتاة، سلطت هيئة الأمم المتحدة للمرأة الضوء على أصوات خمس ناجيات، تم تغيير أسمائهن لحماية هويتهن.
كانت “مقتنعة” بأنها ستقتل
من مقاطعة تشاكو الأرجنتينية، عانت ديانا، البالغة من العمر 48 عاما، وهي أم لسبعة أطفال، لمدة 28 عاما، قبل أن تقرر، في نهاية المطاف، الانفصال عن شريكها الذي يسيء معاملتها. وعن ذلك تقول: “لم أكن خائفة من أن يضربني، كنت مقتنعة بأنه سيقتلني”.
في بادئ الأمر، ترددت بشأن تقديم شكوى للشرطة خوفا من ردة فعله، ولكن عندما علمت بالخدمات التي يقدمها ملجأ محلي، أدركت أنه بإمكانها الهروب من جلادها. كما أنها قررت أن تقدم شكوى ضده.
وقد عانى أطفالها أيضا من ضغوط نفسية ومصاعب اقتصادية بسبب العيش مع والد مسيء.
لم يكن قرار المغادرة سهلا، ولكن بدعم من الأخصائيين الاجتماعيين ومأوى محلي ومساحة آمنة مخصصة للتعافي، حصلت ديانا على وظيفة مساعدة إدارية في مكتب للحكومة المحلية.
“أعترف بأن الأمر كان صعبا، ولكني شفيت كثيرا بعد الدعم الذي تلقيته بشأن الصحة العقلية والمساعدة القانونية والتدريب على المهارات”.
تعد الخدمات الأساسية المقدمة للناجيات من العنف المنزلي بمثابة شريان الحياة.
“لم أعد أشعر بأنني سجينة أو محاصرة أو خائنة. هناك الكثير من الأشياء التي يمر بها المرء كضحية، بما في ذلك [الاضطهاد] النفسي، ولكنني الآن أعلم أنه يمكنني تحقيق كل ما أخطط له”.
ديانا هي واحدة من بين 199 امرأة ناجية تم إيواؤهن في مأوى تابع لشبكة إيواء البلدان الأمريكية، مدعومة من هيئة الأمم المتحدة للمرأة من خلال مبادرة بقعة ضوء في أمريكا اللاتينية. كما قدم المأوى الدعم النفسي والاجتماعي والمساعدة القانونية لأكثر من 1057 امرأة منذ عام 2017.
ناجية متحمسة لمستقبلها
أدى انتشار جائحة كورونا في بنغلاديش إلى اندلاع موجة عنف ضد النساء والفتيات، في وقت شهد إغلاق العديد من الملاجئ والخدمات الأساسية.
كانت روميلا متزوجة من رجل قاس معذب. قالت: “عندما كنت حاملا، لكمني بشدة لدرجة أنني اجهضت طفلي … أردت إنهاء حياتي”.
هربت روميلا أخيرا عندما اصطحبها شقيقها إلى ملجأ تارانغو للنساء، والذي تمكن، بالشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة، من توسيع برنامجه المتكامل لتوفير أماكن إقامة مؤقتة آمنة، وخدمات قانونية وطبية، وتدريب مهني للنساء المعنفات اللاتي كن يبحثن عن بداية جديدة.
غالبا ما يؤدي العيش في علاقة مسيئة إلى إضعاف خيارات المرأة واحترامها لذاتها وإمكاناتها. وجدت روميلا مكانا يمكنها أن تعيش فيه بأمان مع ابنتها البالغة من العمر 4 سنوات.
وتمكنت من فتح صفحة جديدة في حياتها: “دامئا ما كان يملي عليّ الآخرون كيف ألبس، وأين أذهب، وكيف أعيش حياتي. الآن، أعلم أنني امتلك هذه الخيارات. أشعر بالثقة، حياتي باتت أكثر متعة”.
يأوي ملجأ تارانغو ما بين 30-35 ناجية، ويقدم خدمات على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع، تساعد هؤلاء الناجيات على التعافي من الصدمات واستعادة كرامتهن وتعلم مهارات جديدة والحصول على وظائف ومنحة نقدية لمدة شهرين لبناء قدرتهن على الصمود اقتصاديا.
تقول نازلي نيبا التي تعمل منسقة للبرامج في الملجأ: “مهمتنا هي جعل النساء يشعرن بالأمان والتمكين، ومعاملتهن بأقصى درجات الاحترام والتعاطف”.
معركة شاقة مع الأصهار
عادت غوريتي إلى غرب كينيا في عام 2001 لدفن زوجها، وبقيت في منزل العائلة، وفقا للعادات المحلية.
“حرموني من الطعام. كل ما جئت به من نيروبي – الملابس والأدوات المنزلية – تم أخذها مني وقسمت بين أفراد الأسرة”.
لما يقرب من 20 عاما بعد وفاة زوجها، ظلت غوريتي عالقة في حياة مشوبة بسوء المعاملة، إلى أن قاموا بضربها ضربا مبرحا لدرجة أنها دخلت المستشفى وباتت غير قادرة على العمل.
خوفا من الذهاب إلى سلطات إنفاذ القانون، تواصلت غوريتي بدلا من ذلك مع مدافعة محلية عن حقوق الإنسان، التي ساعدتها في الحصول على رعاية طبية وإبلاغ السلطات المحلية بالقضية.
ولكن سرعان ما اكتشفت أن أهل زوجها قاموا بتزوير اتفاق باسمها لسحب القضية. قالت غوريتي “لكني لا أجيد حتى الكتابة”.
غالبا ما يكون المدافعون عن حقوق الإنسان في كينيا أول المستجيبين للانتهاكات، بما في ذلك العنف القائم على النوع الاجتماعي.
منذ عام 2019، تدعم هيئة الأمم المتحدة للمرأة ومكتب المفوضة السامية لحقوق الإنسان المنظمات الشعبية التي توفر التدريب القانوني وبناء القدرات لمساعدة الناجيات بشكل أفضل.
بالإضافة إلى إبلاغ الشرطة المحلية والمحاكم بالقضية، اتصلت المدافعة عن حقوق الإنسان كارين أومانغا، التي دربتها إحدى هذه المنظمات، بالأشخاص كبار السن في المنطقة.
أوضحت السيدة أومانغا: “كدت أن أتعرض للاعتقال عند مواجهة الضابط المسؤول”.
ولكن لإدراكها بأن المجتمع المحلي سيكون ضد غوريتي، بدأت أومانغا “عملية حل المنازعات البديلة، فيما كانت تقدم القضية إلى المحكمة”.
أخيرا تمت تسوية القضية خارج المحكمة، وتمكنت غوريتي من الحصول على اتفاق يمنحها حق ملكية الأرض التي حصلت عليها كمهر أثناء زواجها، واضطر الجناة إلى دفع غرامات لتجنب السجن.
قالت غوريتي: “إنها بمثابة بداية حياة جديدة بعد 20 عاما، وابني يشعر بمزيد من الأمان … أفكر في زراعة بعض الأشجار لحماية قطعة الأرض وبناء منزل للدواجن”.UN Women/Luke Horswellغوريتي تتحدث إلى كارمن أومانغا
رفع الوعي
في مولدوفا، يعتبر التحرش والعنف الجنسيين من الموضوعات المحظورة، نادرا ما يبلغ الضحايا عن الحوادث، خوفا من اللوم أو الوصم بالعار.
تعرضت ميلينا للاغتصاب، في سن الرابعة عشرة، من قبل صديقها في كيشيناو. لم تكن على علم بأن الانتهاك الذي تعرضت له كان اعتداء جنسيا واستمرت في رؤية المعتدي عليها لمدة ستة أشهر أخرى قبل الانفصال. ثم حاولت نسيان ذلك.
“صارت هذه الذكرى في طي النسيان، وكأن شيئا لم يحدث”، إلا بعد مرور عامين، حيث استذكرت ذكريات الاعتداء الذي تعرضت له عقب مشاهدة مقطع فيديو على موقع إنستغرام.
ما يقرب من واحد من كل خمسة رجال في مولدوفا قد اعتدى جنسيا على فتاة أو امرأة، بما في ذلك في العلاقات الرومانسية، وفقا لبحث نشر في عام 2019 بالشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة.
عاقدة العزم على فهم ما حدث لها، تعلمت ميلينا المزيد عن التحرش والاعتداء الجنسيين، وبدأت لاحقا في رفع الوعي في مجتمعها.
انضمت، في العام الماضي، إلى برنامج إرشاد الشباب التابع لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، حيث تم تدريبها على المساواة بين الجنسين وحقوق الإنسان وتعلمت كيفية التعرف على الإساءات والوقوف ضد التعليقات والمضايقات الجنسية.
قامت ميلينا بتطوير دليل المساعدة الذاتية للناجيات من العنف الجنسي، والذي يقدم إرشادات عملية لطلب المساعدة، والإبلاغ عن الإساءات، والوصول إلى موارد لازمة للتعافي من الصدمات.
على خلفية شيوع ثقافة إلقاء اللوم على الضحايا، والذي يمنع المحتاجين من الحصول على المساعدة، يركز برنامج إرشاد الشباب على القيم النسوية والتنوع، ويعالج الأسباب الجذرية لعدم المساواة بين الجنسين والصور النمطية التي تديم العنف القائم على النوع الاجتماعي والتمييز.
أوضحت دومينيكا ستويانوسكا، الممثلة القطرية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في مولدوفا: “لقد أظهر البرنامج أن نشاط الشباب ومشاركتهم يمثلان مفتاحا للقضاء على عدم المساواة بين الجنسين في مجتمعاتنا”.
دعم الناجيات، كسر حلقة العنف
كشفت دراسة استقصائية وطنية أجريت عام 2019 أن ثلاثة فقط من بين كل 100 ناجية من العنف الجنسي في المغرب يبلغن الشرطة عن الحوادث لأنهن يخشين التعرض للعار أو اللوم وعدم الثقة في نظام العدالة.
كانت ليلى على علاقة مع مدير الشركة التي عملت بها. أخبرها بأنه يحبها، فوثقت به. “لكنه كان يضربني كلما اختلفت معه. لقد تحملت كل شيء، من العنف الجنسي إلى الإساءة العاطفية … لقد جعلني أعتقد أنه لا يمكنني الوقوف ضده”.
ذهبت ليلى، وهي حامل وغير متزوجة ووحيدة، إلى الشرطة أخيرا. التقت بها ضابطة شرطة وأخبرتها بأنه يوجد حل، مما بعث الارتياح الشديد في نفسها.
“لن أنسى ذلك أبدا. لقد أصبح شعاري في الحياة. شجعتني كلماتها على إخبارها القصة كاملة. استمعت لي باهتمام وعناية كبيرين”.
تم تحويلها إلى ملجأ محلي للأمهات غير المتزوجات حيث أتيحت لها فرصة ثانية.UN Women/Mohammed Bakirصالحة ناجح: مسؤولة الشرطة في وحدة شرطة الدار البيضاء المعنية بالنساء ضحايا العنف.
قبل عامين، أنجبت ابنة، وتمكنت، مؤخرا، من الحصول على درجة البكالوريوس في الرياضيات. قالت وهي تمسك بيد ابنتها: “كنت أدرس أثناء رعاية طفلتي في ملجأ الأمهات غير المتزوجات”.
تؤكد هيئة الأمم المتحدة للمرأة أن بناء الثقة في الشرطة يمثل جزءا لا يتجزأ من منع الجريمة وسلامة المجتمع.
عندما تتعامل الشرطة المدربة تدريبا مهنيا مع قضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي، تصبح الناجيات أكثر استعدادا للإبلاغ عن الإساءات والسعي لتحقيق العدالة والخدمات الصحية والنفسية الاجتماعية التي تساعد في كسر دائرة العنف مع إرسال رسالة واضحة مفادها بأنها جريمة يعاقب عليها القانون.
على مدى السنوات القليلة الماضية، أعادت المديرية العامة للأمن القومي في المغرب، بدعم من هيئة الأمم المتحدة للمرأة، هيكلة قوة الشرطة الوطنية لتقديم دعم أفضل للناجيات ومنع العنف ضد النساء والفتيات.
واليوم، لدى مراكز شرطة البالغ عددها 440 مركزاً موظفون متفرغون لتقييم الحالات وإحالة الناجيات إلى أقرب وحدة متخصصة.
صالحة ناجح هي مسؤولة الشرطة في وحدة شرطة الدار البيضاء المعنية بالنساء ضحايا العنف. تلقت تدريبا متخصصا من خلال برنامج هيئة الأمم المتحدة للمرأة. وهي تعمل الآن على تدريب أفراد شرطة وحدتها على استخدام نهج يركز على الناجيات في حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي.
تقول السيدة ناجح: “يتطلب الأمر الكثير من التصميم والشجاعة لكي تطلب النساء الدعم من الشرطة”.
اعتبارا من عام 2021، تم تدريب 30 من كبار ضباط الشرطة ورؤساء الوحدات من خلال البرنامج. وعن ذلك تقول:
“يتمثل دورنا في منح الناجيات كل الوقت الذي يحتجن إليه ليشعرن بالأمان والراحة، وليثقن بنا بما يكفي لإخبارنا قصصهن”.
قامت السلطات في المغرب، عقب انتشار جائحة كورونا، بتوسيع القنوات لتمكين الناجيات من الإبلاغ والوصول إلى العدالة، عن بُعد، من خلال خط المساعدة المجاني، على مدار 24 ساعة، وآلية الشكاوى الإلكترونية، وجلسات المحكمة عبر الإنترنت.